اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 423
وروى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنِّي أعْرِفُ أوَّلَ مَنْ سَيِّبَ السَّوَائِبِ، وَأَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدَ إبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلامُ-» . قالوا: من هو يا رسول الله؟
قال: «عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ أخُو بَنِي كَعْبٍ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَجُرُّ قُصبَهُ فِي النَّارِ يُؤْذِي ريحُهُ أهْلَ النَّارِ، وَإنِّي لأعْرِفُ مَنْ بَحَّرَ البَحَائِرَ» . قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: «رَجُلٌ مِنْ بَنِي مدْلِج كَانَتْ لَهُ نَاقَتَانِ، فَجَدَعَ آذَانَهُما، وَحَرَّمَ ألْبَانَهُمَا، ثُمَّ شَرِبَ ألْبَانَهُمَا بَعْدَ ذلك. فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ وَهُوَ وَهُمَا يَعضَّانِهِ بِأَفْوَاهِهِمَا، وَيَخْبِطَانِهِ بِأَخْفَافِهِمَا» . ثم قال تعالى: وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ يعني:
ليس لهم عقل يعقلون أن الله هو المحلل والمحرم، وليس لغيره أن يحل ويحرم.
ثم أخبر عن جهلهم فقال:
[سورة المائدة (5) : الآيات 104 الى 105]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ من تحليل ما حرمتم على أنفسكم، وما بيّن رسوله. ويقال: تعالوا إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله قالُوا حَسْبُنا مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا من الدين والسنة.
قال الله تعالى: أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ يعني: أيتبعون آباءهم وإن كان آباؤهم جهالاً، فنهاهم الله عن التقليد، وأمرهم بالتمسك بالحق وبالحجة.
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ معناه: الزموا أنفسكم كما تقول:
عليك زيداً، معناه: الزم زيداً. معناه: الزموا أمر أنفسكم لا يؤاخذكم بذنوب غيركم. لاَ يَضُرُّكُمْ وأصل اللغة: لا يضرركم. فأدغم أحد الراءين في الثاني، وضمت الثانية لالتقاء الساكنين. وهذا جواب الشرط وموضعه الجزم.
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه سئل عن هذه الآية فقال: إذا رأيتم شُحًّا مطاعاً، وهوًى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليكم بخويصة أنفسكم.
وروى عمر بن جارية اللخمي عن أبي أمية قال: سألت أبا ثعلبة الخشني عن هذه الآية فقال:
لقد سألت عنها خبيراً سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَا أبَا ثَعْلَبَةَ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ. فَإِذَا رَأَيْتَ دُنْيا مُؤْثَرَةً، وَشُحّاً مُطاعاً، وَإعْجَابَ كل ذي رأي برأيه، فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ.
فَإنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ أيَّامَ الصَّبْرِ المُتَمِسِّكُ يَوْمَئِذٍ بِمِثْلِ الَّذِي أنْتُمْ عَلَيْهِ لَهُ كأَجْرِ خَمْسِينَ عَامِلاً» . قالوا:
اسم الکتاب : تفسير السمرقندي = بحر العلوم المؤلف : السمرقندي، أبو الليث الجزء : 1 صفحة : 423